الخميس، 1 نوفمبر 2012

الكهف


الكاتب:جوزيه سارامجو برتغالي الأصل وحاصل على جائزة نوبل في الأدب
لم يكتب خطبًا طويلة حتى يعزز فكرته، لم يقل ايها الناس الى اين تذهبون ؟ فقط عرض لنا بطل ولكنه ليس البطل المغوار المقاتل انه فقط انسان بسيط يعمل في مهنة تقليدية وهى صناعة الخزف والفخار والصينى بعبقها وتاريخها وفنها، مواجهة صناعة البلاستيك في المصانع الكبرى، مناقشا بذلك استغناء الناس تدريجيًا عن الكلاسيكسة والاصالة في مقابل الحداثة، هي معضلة الهوية في كل زمان ومكان تتجسد في محنة هذا المواطن البسيط ،فبعد شعوره بعدم جدوى صناعته يحاول تطويرها من انتاج الاطباق الخزفيه الى بعض الدمى البسيطة لعلها تلقى رواجا في المركز التجارى الذي يعمل به ولكن فكرته الجديدة تفشل مرة أخرى، فلا يجد مفر إلا أن يذهب مع زوج ابنته الى المدينة والذي يعمل بنفس المركز التجاري كحارس أمن ومع ترقيته إلى حارس مقيم يوفر المركز منزلا له ولأسرته في المدينة وبالفعل ينتقل الخزاف وابنته وصهره إلى هناك، مخلفًا وراءه كلبه الجميل وأرملة قد ارتبط بها عاطفيًا لوقت قصير، ولكن الخزاف لم يحتمل المكوث هناك أكثر من اسبوعين لأنه لم يحتمل فجاجة المدينة في حداثتها والمادية التى تضفي ظلالها على كل المعانى الأخرى، ويعود إلى الأرملة التى خلفها عارضًا عليها أن تبقى معه، ومستعيدا كلبه الذي رفض عمل صهره أن يصطحبه معه إلى منزل إقامة العمل الجديد، ولكنه يظل مغمومًا لفقده عمله ويصارح بهواجسه رفيقته، ولكنها تطمئنه، وتأتي هنا المفاجأة في أن صهره وابنته يعودا أيضاً إلى القرية تاركين ورائهم العمل الممتاز في المدينة الكبيرة وتنتهى القصة بأن الأربعة يستقلون السيارة ويتجهون بحثا عن حياة جديدة لهم جميعا تاركين ورائهم ضحالة القرية وانغلاقها وانفتاح المدينة وزخمها، وهي رسالة من الكاتب لأن تكون نفسك ولا تنساق في تيار الحياة وترضى بما لا ترتاح له أحساسيك، حتى إذا كان هناك مغامرة ما أو وجهة غير مأمونة العواقب في انتظارك.
ومن أجمل ما جاء في القصة:   
"من يقرأ ينتهى لمعرفة كل شئ تقريباُ، ولكن لا وجود لطريقة معينة للقراءة تلائم الجميع، فكل شخص يخترع طريقته الخاصة، هناك من يقضي حياته كلها في القراءة دون أن يمضى إلى ما هو أبعد من القراءة، هؤلاء يبقون ملتصقين بالصفحات، لا يدركون أن الكلمات ليست سوى أحجار مصفوفة تعترض تيار النهر، وهي موجودة لكي نتمكن من الوصول إلى الضفة الأخرى من هذا النهر، وكل شخص يقرأ تكون له ضفته الخاصة، وتكن له - وله وحده- الضفة التى سيصل إليها"
"ويالأولئك الذين يدفعهم الخوف من بلاء مستقبلي إلى البقاء جالسين على حافة الطريق يبكون ماضيت لم يكن أفضل من الحاضر"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق