اللى ساكنين في شارع فيصل عارفين يعنى ايه شارع مبينمش،و كأن فيه فرح كل يوم، شارع مفهوش ساعة زروة لأن كل ساعاته ساعات زروة، شارع فيصل دا عامل زي واحد حران قلع جاكت البدلة والسديري والقميص بس لسا لابس الكرفتة مقلعهاش، الكرفتة دي بقى هي الجنينة اللى في نص الشارع ، واحنا مستخدمينه احسن استخدام وبنرمى فيه كل حاجة،يصح يعنى ناكل والكلاب والقطط والدبان ميكلش، يجي الغرب المتعجرف قوي يشوف أسمى أشكال الرفق بالدبان.
وأهالى فيصل أكترناس عارفين ان التاكسي الابيض عمره مبينفع في اليوم الاسود، وان العداد بتاعه اختراع فاشل، لأن العربية لما تكون واقفة في زحمة، العداد بيعد عمال على بطال، وعارفين كمان انهم لما يحبوا يروحوا في معاد الشغل منغير جزا ولا تأخير ولا كلمتين من اللى قلبك يحبهم، لازم ينزلوا بدري ساعتين تلاتة على الأقل معاهم سندوتشتهم وجرايدهم عشان يتسلوا طول الطريق اللى واقف،ولما بينزلوا من الميكروباص بيحسوا إن السواق دا بقى عشرة عمر.
اليوم دا كانت الدنيا زحمة ومفيش ميكروباصات ، ركبت بس قعدت على الحرف في الكنبا اللي ورا وبقيت مدلدلة من الميكروباص،مسكت بايديا الاتنين وفردتهم وغمضت عينى والهوا بيطس في وشى على طريقة تايتانيك،
شاور للميكروباص واحد واقف في الشارع وسأل السواق :جيزة ياسطى؟
بص السائق الى علبة السردين التى يسوقها و قال: كان على عينى والله، قولولهم ينزلو سعر الحديد شوية وابنلكوا دور تانى فوق. منهم لله بقى الاخوان اللى كانوا السبب وخلوا الحجات كلها تغلا.
وبص السائق باستفزاز وتلقيح كلام لشاب ملتحي بالكرسي الذي بجواره، فنظر إليه الشاب الملتحي وزبيبة الصلاة التي في وجهه تكاد ان تنفجر في وجه السواق:"قصدك ايه يا سطى، هو كل حاجة الاخوان الاخوان دا ناقص تقولوا انهم هم اللى خرموا الأزون"
في هذه اللحظة خلع الشاب الجالس في الكنبة الأولى سماعات الموبايل من أذنه شامتًا:
" متنكرش ان مرسي مكنش الرئيس الفترة اللى فاتت ومجلس شورى الاخوان هم اللى كانوا ماسكين البلد"
قالت سيدة منقبة جالسة بجواري محموقًة:
" على الاقل كنتوا احترمتوا الديمقراطية اللى بتحكوا عنها وتمشوه بعد اربع سنين زي مانتوا عايزين، انتو حتى ماديتهوش فرصة"
قال الشاب ابو سماعات:" هو انتي يا حاجة فاكرة ان الاخوان كانوا هيمشوا بعد اربع سنين كدة بالساهل؟ دا والله ماكنوا هيسيبوها"
وقال السائق المبرشم طازة متشفيًا:
" انا هنتخب السيسي واللى مش عجبه يخبط راسه في الحيط" ،ثم قام بفتح الفلاشة الراشقة في جهاز الكاسيت الذي أمامه وقام بتعلية الصوت بشكل مبالغ فيه مستفزًا الجميع لنسمع عندليب الجيل صادحاً برائعته( انا مش عارفنى انا تهت منى انا مش انا)، ومعلنا انقطاع الهدؤ الذي يسبق العاصفة.
ليصرخ في وجهه الرجل ابو زبيبة مستنكرًا:
" متوطي شوية يانجم دمغنا وجعانا."
رد عليه المبرشم فارضًا سيطرته على منطقة نفوذه المؤقتة: اللى مش عاجبه ينزل، واللى راكب للطلبية ينزل هنا، واللى راكب من اول الخط وهيكمل يبعت أجرة تانى، ثم ضغط على زر جهاز الكاسيت ليشغل الاغنية التالية من الفلاشة"تسلم الايادي ترلم تسلم الأيادي ترلم ترلم " ليفقع ما تبقى من مرارة جميع الركاب.
وأثناءانشغاله في ظبط الكاسيت لم ينتبه لمطب صعب امامه فارتطم الجميع في سقف الميكروباص ، وسمعنا صوت الكاوتش الامامي صارخًا من ميل الحال وسخونة الأسفلت وهول الخبطة. فصرخ في وشه أحد الركاب الذين لم يشتركوا في أي تحليل من التحليلات السياسية مؤدبًا:
"مبلاش تجيب من الكاوتش الصينى ياسطى".
ثم نظرالسائق للراجل ابو زبيبة مغتاظًا :
" هو انا اصطبحت بوش مين النهاردة مراتى ولاحماتى؟"ثم اكمل قصيدة سب الدنيا باللي فيها على أول يوم مسك فيه الأسفلت ، فنزل جميع الركاب مسرعين لمساعدة السائق في العملية الجراحية لاستبدال الكاوتش وذلك تفاديًا لاستكمال القصيدة باسم أحدهم ،إلا أنا ومن بجواري فتسمرنا مكاننا ، فنظرالسائق لي ولمن بجواري في مرآة السيارة زاجرًا:
"حزب الكنبة اللى ورا مش هتنزلوا تساعدوا معانا ولا ايه؟"
قال ذلك ناظرًا إلى وإلى من بجواري من رجل وجماعته ، وجماعته كانت تحتضن طفلا صغيرًا لم يكمل بعد عامه الأول ، وأنا عن نفسي لم اشترك في أي حديث سياسي استراتيجي، لأني لو أيدت السيسي هتتشتم و هيقولوا عليا انقلابية ، ولو أيدت مرسي هتتشتم وهيقلوا عليا اراهابية ، ولو أيدت حمدين هتتشتم وهيقولوا عليا عبيطة، ولما حتى سكتت اتشتمت برده والسواق قال عليا سلبية من بتوع حزب الكنبة ، فالواحد خلاص بقى مشتوم مشتوم يا ولدي ، أما الاثنان اللذان بجواري فلم يشتركا في أى عركة ديمقراطية من اول الخط، وذلك أثار فضولي فعندما هممت بالنزول مارست هوايتي في تلميع الأكر لهم فسمعتهم يقولوا:
جماعته: "متيجى نبيع حتة الدبلة دي عشان نفك الزنقة اللى احنا فيها الشهر دا".
قال لها:"خليها نبقى نبعها لما نعمل عملية ودن الواد ، والشهر دا ربنا يفرجها يام سيد"