الخميس، 6 ديسمبر 2012

مسافر ليل

لوحة بريشة طلبة كلية الفنون الجميلة جامعة الأقصر

الكتاب: مسافر ليل
الكاتب: صلاح عبد الصبور
دار النشر:الهيئة المصرية العامة للكتاب
  هو بحق فارس المسرحية الشعرية في الأدب العربي ، يحكي لنا عن مسافر في القطار وعامل تذاكر وراوي يعلق على الأحداث، لكن المقصود هنا براكب القطار هو كل مقهور مظلوم في العالم، والمقصود بعامل التذاكر وهوالذي له الحق في إنزال الراكب من القطار هو الظلم في كل مكان.

  فيقول لنا الكاتب أن الراكب "مسافر" المكتوب في العنوان جاء نكرة فهو نموذج للإنسان بلا أبعاد الذي لا نستطيع أن نصف إلا ملامحه الخارجية، فها هو يجلس في القطار يعانى من الملل " يجرب أن يلعب في ذاكرته.. يستخرج منها تذكارات مطفأة، ويحاول ان يجلوها أسفًا، لا تلمع تذكاراته، يدرك عندئذ أن حياته، كانت لا لون لها".
  ويقول عامل التذاكر للراكب مستعرضًا قوته مخيفًا له:"أنا الإسكندر، في صغري روضت المهر الجامح،و حين بلغت روضت العالم".ولكنه هنا لم يقصد الاسكندرالقائد العظيم بل قصد اى قوة قهر جامحة لا حدود لها.
  ويحكي لنا الراوي عن خوف الراكب من هذه القوة الهائلة التى تزلزل كيانه وهو أعزل فيقول:" الراكب محموم بالرعب، يتغير وجهه، مثل إشارة ضوء، والاسكندر قد عبأ جيشه".
  ويبدأ عامل التذاكر في بسط نفوذه وقوته بشكل أفظع فيحبس القارئ أنفاسه منتظرًا ومتسائلًا عن مصير الراكب المسكين:"علمنى سني أن يتأخر غضبي، أن يتقدم عقلي سخطي، لكني لا أسمح إطلاقًا أن يتقدم عقلي خطوات القانون" وهنا يسخر الكاتب من أن الظلم قد ينفذ ظلمه مستترًا بغطاء من القانون المزيف، وتستمر احداث المسرحية بشد وجذب بين الطرفين حتى يلفق عامل التذاكر للراكب تهمة ويتهمة بها ثم يخيره باسلوب اعدامه هل بالسم أو الخنجر أو بالحبل قائلًا:"زن كلماتك بالميزان فكر، فكر مرات عشرًا في كل سؤال، عشرين لكل إجابة" ويسخر من أن ظالمين العالم يتبعون كلهم نفس الاسلوب في قهر العباد وظلمهم قائلًا:"أشهى ما في الأوراق هو التاريخ نأكله كل زمان وزمان، ثم نعيد كتابته أوراق أخرى".
ويقول لنا الراوي عن حكم ظالمو العالم سارداً بعض مقولاتهم المشهورة:
"جوع كلبك يتبعك" النعمان بن المنذر
عندما أسمع كلمة الثقافة أتحسس مسدسي" هرمان بن هورنج
" علمهم الديمقراطية، حتى ولو اضطررت إلى قتلهم جميعًا" ليندون جونسون
ويقول لنا ظالمنا في المسرحية:"حقق في رحمة، ثم اضرب في عنف"
ويحكي لنا عامل التذاكر أنه رغم ماله ونفوذه إلا انه لا يشعر بالسعادة نتيجة لحقد العامة عليه فيقول:"يقول الناس عنى:"يتقاضى أعلى أجر، يسكن في قصر، ولكني أستقبل زوار البلد الغرباء، أتحمل نظراتهم الحاقدة البكماء، أشرب قدح القهوة حتى مع أعدائي، هل تعلم أني أحيانًا لا أغفو إلا ساعات في الاسبوع، لا تتصور أنى أخشى أن أُقتل في نومي، ولهذا فأنا أقتل أعدائي أو أشريهم بالترتيب، لا أخشى من أعدائي، بل من أصحابي، يأكلهم حسد ضارِ، قد يبتسمون بوجهيـ لكن قلوبهم سوداء، إني أحيا في وحدة".ثم يقتل عامل التذاكر الراكب ،فيتألم الراوي لهذا الغدر ويرثي كل مظلوم قتله الظلم وكل برئ تخلى عنه العدل ويقول:"لا أملك أن أتكلم، وأنا أنصحكم أن تلتزموا مثلي، بالصمت االمحكم".    

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق