لوحة مرسومة بريشة طلبة كلية الفنون جامعة الأقصر |
صدر حديثًا للهيئة المصرية العامة للكتاب - سلسلة مكتبة الأسرة
اسم الكتاب:إغراء السلطة المطلقة
الكاتبة:بسمة عبد العزيز ( طبيبة وفنانة تشكيلية وأديبة وناشطة).
وجب علينا في البدية التحدث عن مشروع "القراءة للجميع" فهو كما حدثنا"ابراهيم أصلان" في مقدمة هذا الكتاب، أن حلم توفر مكتبة لكل أسرة كان حلم "توفيق الحكيم" وليس بوسع أحد آخر أن يدعي غير ذلك، فهو أول من تمنى أن يأتي اليوم أن تصبح الكتب على عربات الكارو الصغيرة وتتخذ مواقعها عند نواصي الشوارع وهي محملة بأروع الكتب الميسورة الأسعار ويبتاعها الناس كثمار الفاكهة.
وفي ثمانينات القرن الماضي عاود شاعرنا الكبير صلاح عبد الصبور التذكير بهذا الحلم القديم، ثم تولى الدكتور سمير سرحان تنفيذه تحت رعاية زوجة الرئيس السابق، هكذا حظي المشروع بدعم مالي كبير، إلا أنه في بعض الأحيان كانت تنشر كتب مراعاة لخاطر البعض، وترضية للآخر، وأحيانًا لمصلحة بعض دور النشر.
إلا أن مكتبة الأسرة في ثوبها الجديد بعد أن تحررت من قيود المحسوبية أصبحت في تتمتع بعنفوان الشباب، فتجد عناوين لم تكن تحلم بأن تراها يومًا منشورة في مكتبة من ميزانية الدولة وأحد هذه الكتب هو كتابنا "إغراء السلطة المطلقة".
وهو كتاب يتحدث عن علاقة المواطن بالشرطة وتتناول الكاتبة هذه العلاقة من جانب تاريخي أولًا، ثم من جانب نفسي وذلك لأن الكاتبة دكتورة نفسية في الأساس، وهنا يأتي تفرد الكتاب.
يبدأ الكتاب في سرد علاقة المواطن بالشرطة عبر العصور فيرتحل بك قديمًا منذ عصور مصر القديمة وتتجلى عظمة المصري القديم عندما نقش أحد حكام الأقاليم على تابوته"إني لم أرتكب أي عنف ضد أي إنسان".
وتستمر المسيرة عبر العصر الرومانى والعصور العربية الاسلامية أثناء الحكم العثماني والاخشيدي حتى عصر الاحتلال الفرنسي والبريطاني وصولًا إلى عصر جمال عبد الناصر ثم السادات ثم مبارك، وحكت لنا الكاتبة عن أساليب تعذيب الشرطة للعامة أثناء العصر العباسي والمملوكي فكان هناك ما يسمى "بالتوسيط" وهو شطر الجسم قسمين حتى الموت وقلع الأضراس واعادة دقها في الرأس.
ومنذ قيام الجمهورية حتى الآن انحصر عنف الشرطة على العنف الموجه للخصوم السياسيين، و التي كان يسميها الرؤساء المتعاقبين بـ"الحوادث المؤسفة" ويكفي معرفة أن حكم عبد الناصر الذي امتد ما يقرب من 18 عامًا قد قدر عدد الاعتقالات فيه بـ14 ألف أمر.
وتطور ذلك في عهد الرئيس السابق وتحول الشعب كله إلى خانة الأعداء، وذلك كان بمثابة تطور طبيعي في ضوء ترهل النظام واصراره على الاستمرار على الرغم من فقدانه لأغلب مقومات الاستمرارية.
وتتحدث الكاتبة ببراعة عن تطور عنف الشرطة نفسيًا من عنف منظم يخضع فيها الشرطي إلى أوامر القادة وتحول ذلك إلى العنف الغير منظم الذي يتجلى في عنف الشرطي تجاه الآخرين في غير مواعيد العمل الرسمية والتي أطلقت عليه الكاتبة بـ"العنف العشوائي" وهو ما يتجلى في الحوادث التي سمعنا عنها لمقتل شرطي لمواطن بطلق ناري نتيجة مشاجرة على مكان ترك السيارة في الشارع!!!
وتفسر لنا الكاتبة المبررات النفسية المستخدمة لاستباحة عنف الشرطة مع المواطنين :
1- إضفاء المشروعية على ممارسة العنف والتعذيب كأن يصبحا لازمين لحمية الوطن.
2- تحديد الفئات التي ستعد خطرة على استقرار الوطن وهي التي سيتم لاحقًا تعذيبها واضطهادها بشكل ممنهج.
3- الرفع من شأن القائمين بممارسة العنف المنهجي.
وهذا يتجلى في إقناعهم بأنهم يهاجمون المتظاهرين لحماية الوطن من شرورهم، والحفاظ على أمن وسلامة واستقرار الوطن.
الصورة الحالية للشرطي في وعي الناس:
العنف المرتبط في وعي الناس بالشرطة أسهم في تأكيد شعوره السلبي تجاهه.
ومما يضر بصورة الشرطة منظر العسكري البائس الذي يهم بقول " كل سنة وانت طيب يا بيه"
كما أن تعالى وصلف الظباط وكسرهم لقواعد المرور، وقبول شرطيي المرور بالرشاوي لعدم تحقيق مخالفة لسائقي السيارات أضر بمكانة الشرطي في عيون المواطنين. حتى إن الظابط بعد ساعات العمل الرسمية يتعامل بعنف مع المواطنين العاديين كبائعي الخضر من منطلق وظيفته وليس كأنه مواطن عادي. كما ان ما حدث في الثورة قد ولد حاجزً نفسيًا بين المواطن العادي والشرطي فقتل المتظاهرين وخروج كل من ارتكبوا هذه الجرائم من السجون قام بتأزيم العلاقة ، فالخوف الممزوج بالقهر لا يتولد عنه سوى عدوانية مكبوتة.
فهكذا هي صورة الشرطي في وعي المواطن اليوم: إطار عريض من العنف والخطوط الحمراء الكثيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق