عندما قرأت "مذكرات نجيب الريحاني " بقلمه ، والتى سرد فيها هذا الفنان العبقري جزء من حياته الفنية ولكن لم يمتد به العمر طبعا حتى يكمل مشواره الفنى عن اخره، ولكنانطباعاتي عن شخصيته من خلال قراءتى لسرده عن حياته كالآتي:
1. انه فنان عظيم قد لا يعرف جيلنا عنه اكثر من اشتراكه في الفيلم الخالد " غزل البنات" مع ليلى مراد ، وموافته المنية قبل انتهاء تصويره ،مما اضطرهم بتغيير بعض الاحداث ،ولكنى لم اكن اعلم انه عمل مع الكثير من الفناين العظام في فرقاته المسرحية مثل سيد درويش ومنافسته للفرق المسرحية الدرامية مثل فرقة يوسف وهبي، وانه ألف واقتبس مع فرقته التى حملت اسمه عدد لا نهائي من المسريحات منها الكوميدية والدرامية ومنها
الاستعراضية ، وتعاون معه الكثير من الفنانات الرائعات مثل بديعة مصبنى .
2. وأنه في الوقت الذي كانت فيه السنيما في مبادئها وكان المسرح هو الوسيلة الاكثر انتشارا لنشر الفن والثقافة اخذ على عاتقه نشر مسرحياته وفنه وفن بلده في ارجاء العالم بنفسه ولم يكن يتلقى دعوات فنية محجوزة الفنادق مثلما يحدث الان للفنانين ، بل كان هو وفرقته الخاصة يذهب الى بلاد بعيدة ويبحث عن مسرح بنفسه ويؤجره بنفسه ويسافر على نفقته الا ان معظم هذه السفريات قد لاقت نجاحًا مذهلا كما يحكي لنا في مذكراته عن رحلاته ومغامراته في باريس و البرازيل والارجنتين في امريكا الجنوبية والدول العربية مثل سوريا والمغرب، وأنه اول من مثل على مسرح " الاجبسيانة" وهو من اختار له هذا الاسم.
3. نجيب الريحاني شخصية دمها خفيف دون تصنع ويظهر ذلك في كوميدية اسلوب سرده وليس في تمثيله فقط ويظهر من حكيه خفة ظله الطبيعية دون تكلف، وسخريته من مشاكله ومآسيه كأي مصري اصيل بالرغم من اصوله العراقية،
4. كما انه يتميز بالتواضع الشديد فتجده اذا وصل الى النجاح نسب ذلك لتوفيق الله وقال"العبد لله الفقير" او"كاتب هذه المذكرات " قد حقق كذا وكذا في غير تصنع ولا تكلف ولا تبهاي دون ان يقول " انا " قد حققت "وانا" قد نجحت.
5. كان نجيب الريحاني ككثير من الفنانين يعمل موظفا في البداية وترك الوظيفة جريا وراء الفن ، وقابل مشكلات مادية في بداياته وهذا يعلمنا ان نغامر من اجل احلامنا حتى لا نندم عليها فيما بعد وعلى العكس من الكثيرين فإنه كان موظفًا ناجحًا في عمله ولكنه ضحى بكل ذلك.
6. كان نجيب الريحاني يحب الفن للفن وليس للمادة وكان الفن رسالة حقًا وليس بالمعنى المبتذل الحالي فنقرأ على لسانه:"وبعد ان تزوقت من الحياة حلوها ومرها وبعد ان جرعتنى كأسها حتى الثمالة خرجت منها بصديق واحد، صديق هو كل شئ وهو الحب المغرم الذي اتبادل وإياه الوفاء الشديد والاخلاص الاكيد ذلك الصديق هو عملى".
7. كان نجيب الريحانى يبحث عن مشاكل الحياة الاجتماعية ويبحث عن حلول لها ويعرضها على المشاهدين للافادة كما كان للريحانى دورا وطنيا حيث عالج المشاكل السياسية بفاكهته المعهودة وكان الزعيم سعد زغلول يحضر الكثير من مسرحياته. فجاء على لسانه"حين رأيت من الجمهور المثقف ومن عامة الشعب هذا الاقبال المنقطع النظير ، رأيت ان استغله استغلالا صالحا وأن أوجهه التوجيه النافع، فرحت انقب عن العيوب الشعبية ، وابحث عن العلل الاجتماعية التى تنتاب البلاد، ثم أضَّمن الحان الروايات ما يجب من علاج ناجح بمثل هذه الأدواء.، كذلك راعيت في كثير من هذه الالحان ان تكون اداة لايقاظ شعور الجمهور وتعويده حب الوطن" ، وهذه المشاعر النبيلة نفتقده جدا في عصرنا الحالى حتى ان الفن حاليا اصبح مفسدا للمجتمع وليس مصلحا له،
8. نجيب الريحانى محب لاصدقائه مخلص لهم ومن اوفى اصدقائه هو بديع خيري فقد ألَّفا معا رواياتهما وسافرا معا حتى ان بديع خيري هو من كتب مقدمة هذه المذكرات.
9. واذا كان هناك خلاف بين نجيب الريحاني ا وبين اى من زملائه فإنه يحكي الخلاف على سبيل " الفضفضة" ولا يذكر اسم هذا الزميل او الصديق في اغلب الاحيان حتى لا تتحول مذكراته الى تشهير بزملائه الفنانين ،والخلاف قد يكون سببه سؤ تفاهم عارض، وهذا ان كان يدل فإنه يدل على كرم اخلاقه وطيب أصله، فالفنان مهما كان فهو قدوة للشعب دون ان يشعر ودون ان يشعرون هم واذا اختفت او قلت الامثلة الصاعدة حقا في الفن والحياة أُصيب المجتمع بالتخبط الفكري.
10. رحلة نجيب الريحاني في سطور:ولدعام: 1889 وتوفى عام 1949 ، قدم للمسرح بالتعاون مع بديع خيري فقط 33 مسرحية ومسرحيات اخرى كثيرة تعاون فيها مع غيره من المؤلفين أهمها : ريا وسكينة ،مسرحية الجنيه المصري ، وصية كشكش بك، حمار وحلاوة، الستات مايعرفوش يكدبوا، حسن ومرقص وكوهين، وقدم للسنيما 10 أفلام أهمها: سلامة في خير ،أبو حلموس ، لعبة الست ، سي عمر ، غزل البنات (1949).
فأنا انصح جميع القراء بقراءة هذه المذكرات الممتعة المفيدة. اصدار الهيئة العامة للكتاب ، عدد الصفحات 249 صفحة –حجم صغير ، سعر الكتاب 3 جنيهات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق