السبت، 16 أغسطس 2014

كيف جعلتني أمي أحب القراءة؟


كيف جعلتني أمي أحب القراءة؟
هنادي عبد الكريم ..
1. قبل ان تنفتح عينى او استطيع المشي كانت امي تضعنى في عربة الاطفال وتذهب بي الى معرض الكتاب كل عام وتشتري لي كتب الاطفال القماش التى تعلمهم الالوان وكيف يغلقون الازرار ويفتحون ويربطون أربطة الأحذية وكما حكت لي امى فإنها كانت كتبًا من قماش لانها كانت تتعرض لاشد انواع التعذيب من العض والأكل والوضع في أطباق الفول ، وفي كل مرة كانت امي تغسل الكتب وتنشرها لتجف حتى اهتدت الى تغليفها بالمشمع...

2. عندما استطعت المشي والكلام كانت امي تشتري لي من المعرض كتب الاطفال المليئة بالصور قليلة العبارات عن الارانب اللطيفة والذئب وصغار الماعز وكانت تحكيها لي ثم جعلتنى اتهجى واقرأ ببطء كلماتها الصغيرة ثم بدأت استوعب ما اقرأ.و كانت تشتري لي كتب حواديت قبل النوم وتحكي لي قبل ان انام ثم عندما كبرت قليلا كانت تطلب منى ان احكي لها هي حدوتة قبل
النوم.

3. في المرحلة الابتدائية والاعدادية اشتركت لى امي في مكتبة عامة كانت تدعنى اذهب كل يوم وتحضر معى ندوات كبار الادباء والمفكرين وكانت تجعلنى أطلب امضاءاتهم على مفكرتي الصغيرة ولدي حتى الأن امضاءات المخرج "رحمى" و"جمال الشاعر"، وكنت أقرأ كتب المكتبة الخضراء وموسوعة بلاد العالم، وكانت تجعلنى احفظ الاشعار الصغيرة وتشجعنى على القائها في الاذاعة المدرسية، ويوماً سألت امى عن حادثة دنشواى عندما سمعت اغنية عبد الحليم "حكاية شعب " وهو يقول " ولا احرارنا اللى راحوا في دنشواى" قالت لى انا لن اقول لكِ اجابة هذا السؤال يجب ان تعرفي بنفسكِ، اذهبي الى المكتبة واقرأى سلسلة " بابا نجيب" لتبسيط تاريخ مصر للاطفال ، ذهبت وقرأت وعرفت لان امى كانت لا تجيب على اي سؤال أسأله الا بعد ان اقرأ كتاب وتناقشنى فيه.

4.في المرحلة الثانوية طلبت منى امى ان ارتب مكتبة العائلة وافهرسها بكتابة اسم الكتاب واسم الكاتب وتصنيفها الى كتب دينية وفلسفية وثقافية بعد تنظيفها ورسمت لى فهرس اول صفحة في المفكرة وتركتنى وحدي انظف وارتب وافهرس جميع كتب العائلة في بيتنا وهي اكثر من 5000 كتاب في 3 اشهر في اجازة الصيف حتى انتهيت وفي عقلي اهم اسماء الكتب والمؤلفين، وقالت لى امى ان أقرأ تلخيص الروايات العالمية مثل: آنا كرنينا و البؤساء وكانت تناقشنى في كل ما اقرأ، حتى بدأت اختار الكتب التى احب قرائتها بنفسي ، واشتريها بنفسي من المعرض بمصاحبتها . وكانت تقرأ معى بريد الجمعة " لعبد الوهاب مطاوع" وتسألنى في حل مشكلات أصحابها وما هو الحل . ثم نقرأ الحل معًا وكثيرأ ما كانت ارائها اصوب منى الا انها لم تكن تعترض على أرائي ابدا في حل المشكلات الاجتماعية التى يعرضها بريد الجمعة.

5. عندما التحقت بالعام الجامعي الاول رحلت من علمتنى القراءة بعد ان قالت لى مشيرة الى المكتبة " سأترك لكِ كنزًا لن تعرفي قيمته الا بعد ان ارحل" انتهى ساعتها نبع الحكمة في الحياة امامي، ولم يكن هناك من يرشدنى فيها فبدأت أقرأ الكتب حتى اتعلم كيف اعيش في الحياة وتقلباتها، فبدأت بتجميع قصاصات بريد الجمعة التي كانت امى تجمعها وحفظتها في ملف وقرأتها جميعها، ثم بدأت أقرأ كتب عبد الوهاب مطاوع حتى انتهيت منها تقريبا ، ثم بدأت اقرأ كتب توفيق الحكيم التى كانت في مكتبتنا ، وحينها لم يكفي مصروفى جميع الكتب التى اريد شرائها فذهبت الى سور الازبكية لاشترى الكتب المستعمة الرخيصة ، ثم اصبحت القراءة ليست فقط لارشادي في الحياة بل اصبحت احبها لانها تمتعنى ولانها تملكت منى الى آخر حد ثم بدأت قرأ الكتب من كل مكان وفي كل مكان وفي كل وقت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق