الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

نحن لا نمتلك العالم

مقال مترجم عن اللغة الصينية للكاتب  柳君
من مجلة 读者 العدد 342
    كان طفلي يريد أخذ الزجاجة من يدي، فلم أعطها له، فأخذ يبكي ويصرخ، ولم يستطع أحد اسكاته، وبعد نصف ساعة سكت صراخه فجأة وكانت أول جملة يتلفظ بها:"الزجاجة".
فقلت له:"لقد رميت الزجاجة".
   ثم أخذ في البكاء مرة ثانية، ثم وقفت زوجتي وهي تقول لي:"انه مازال طفل صغير ذو عامين، فلتتساهل معه قليلاً".
ولذلك أخذت أقول له:" الزجاجة قد تبخرت مثل المياه ، أنا أكلت الزجاجة " إلى آخره من هذه الأكاذيب.
ثم قال طفلي لي:" الزجاجة، أريدها"، فذهب كل ما فعلته سدى.
   يقال أن الفاصل بين نضج الإنسان وعدمه هو قدرته على التنازل، فالإنسان الذي يعرف متى يضحي يكون قد وصل بذلك إلى تمام النضج.
   ففي الطفولة تكون آمالنا كالأعشاب البرية تنمو بلا ضوابط، وسذاجة الأطفال تصور لنا أننا نستطيع حتى اقتطاف القمر من السماء لنلعب به.
   فإن أوامر الملوك الطغاة تتضائل أمام أمنية طفل، فتمسك الطفل بطلباته كفيل أن يجعل أعتى مستبدوا العالم يشعرون بالنقص أمامه.
   فكيف نربي أطفالنا؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في حماية الأطفال من التطبع بطبع الجشع، وفي نفس الوقت عدم تجريدهم من الأحلام.
   ففي أحد الأيام خرجت مع طفلي للتنزه، وكان يوما حارًا فطلب مني طفلي أن أوقف احد سيارات الطريق لنركب فيها ونعود للمنزل، فقلت له:"هذه سيارات الآخرون ، ونحن لا نستطيع ركوبها".
وعندما رأى طفلي أحد المخابز تعرض ما يحبه من مأكولات، رفع يده ليأخذ ما يريد فقلت له:"هذا الأكل ليس لنا، إذا أردت الأكل فلنشتريه بأموالنا ".
    وعندما كان ابن أختي في السابعة من عمره أخذ ثمرة فاكهة من أحد محال بيع الفاكهة، فأَخبرت أخته أختي بما حدث، فضربته فبكى وقال:"لقد أخت واحدة فقط وكان نصفها فاسد".
فقالت أختى لابنها:"حتى واحدة لا نستطيع أكلها دون دفع ثمنها".
ومن حينها أصبح ابن أختي يقول:" عندما اكبر سأدخر من أموالى وأملك محل لبيع الفاكهة لآكل ما أريد منها" .
   إن هذه أمنية، ولكن لها دافع حقيقي بداخله، تحتاج إلى عشر سنوات أو عشرين أو ربما أكثر لتتحقق.
إن تربيتنا للأطفال هي عبارة عن إشعارهم بأن هذا العالم ليس ملكاً لنا، فنحن نمتلك مجرد جزءًا صغيرًا منه، بل لابد لنا من دفع المقابل المناسب لمنتلك هذا الجزأ الصغير الذي يخصنا من العالم.           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق